الأعزاء في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الجاليات العراقية في الخارج ليست حقل تجارب لكم.
فمنذ أكثر من شهر ونحن في منظمات المجتمع المدني في أمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلاندا وأوروبا نناشدكم ونطالبكم بتمديد ساعات الانتخابات او تغيرها، ونحذركم بان الساعات من السابعة الى السادسة مساءً غير كافية لمشاركة عراقيو الخارج في الانتخابات لكون يومي الخميس والجمعة أيام عمل في معظم دول العالم التي يتواجد فبها العراقيون.
وقبلها قمنا بحملة واسعة لتغيير وتخفيف الوثائق المطلوبة لأثبات عراقية العراقيين، واضطر الامر لإرسال وفد من ممثلي منظمات الخارج للقاء المفوضية في بغداد، لكي يستمعوا الى اصواتنا.
ان عراقيي الخارج أصبح لهم شعور بأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تشاركهم في الانتخابات من منطلق إضفاء الجميل (يعني محملتهم منيّة)، وليس من منطلق ان الانتخابات حق مكفول بالدستور لكل العراقيين.
بعد النتائج البائسة التي جاء بها اقتراع اليوم الأول (الخميس 10 أيار) وضعف عدد المشاركين، سارعت المفوضية المحترمة وأصدرت تعليماتها قبل ساعات من فتح المراكز الانتخابية لليوم الثاني الى تمديد ساعات الاقتراع ثلاث ساعات ليوم الجمعة 11 أيار، في محاولة يائسة لحث الناس على المشاركة، والتي جاءت متأخرة جدا جدا. وكأن عراقيو الخارج حقول لتجارب المفوضية.
في كل انتخابات ولمدى خمسة عشر عاما تخرج علينا المفوضية بشروط وقوانين ليس هدفها سوى ابعاد عراقيو الخارج عن المشاركة في الانتخابات. فمرة على منتخب الخارج ابراز وثائق غير موجودة لديه، ومرة تطلب المفوضية وثائق أساسية نافذة وجديدة، ومرة تطلب أكثر من وثيقة ثبوتية، وتجري اختيارات سيئة للمراكز الانتخابية والمسؤولين عنها.
وفي هذه الانتخابات 2018 أطلقت المفوضية في البداية استمارة تسجيل الناخبين مع شروط تعجيزية للتسجيل، ثم الغيت، وبعدها تم اخيار يومي عمل (خميس وجمعة) وساعات عمل (السابعة صباحا للسادسة مساءً) للمشاركة بالرغم من حملة الاحتجاجات من قبل الجاليات العراقية ومنظماتها.
وتم تشديد وثائق أبناء العراقيين الوالدين خارج العراق واصرت المفوضية ان تكون لهم أوراق ثبوتية عراقية كاملة، بالرغم من السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات السابقة اعتمادا على وثائق الاب او الام، مما حرم شريحة كبيرة ومهمة من الشباب من المشاركة.
وبالرغم من تخفيف شروط الوثائق الثبوتية لهذا العام ولكن عراقيو الخارج فقدوا الثقة في مصداقية المفوضية بعد ما جرى في انتخابات 2014 و2010 والذي أدى الى الغاء عشرات الالاف من اصواتنا بسبب عدم قبول وثائقنا الثبوتية.
لقد بح صوتنا ونفذت اقلامنا في التحدث والكتابة لكم حول تغيير الساعات والايام، والشفافية في العمل ومشاركة الجاليات العراقية ومنظماتها في التهيئة والدعم والاعلان عن الانتخابات واماكنها وحث العراقيين للمشاركة ...الخ، ولكن بلا جدوى.
لنأخذ مشيكان الامريكية والتي يسكن فيها أكبر وأقدم الجاليات العراقية خارج الوطن، كمثال لانتخابات 2018 وهذا المثال ينطبق على معظم المناطق والدول:
المفوضية لم تعلن اعلان واحد عن الانتخابات في أي جهاز اعلامي في الولاية
المفوضية لم تقيم ندوة واحدة للعراقيين في مشيكان للتثقيف بالانتخابات
المفوضية لم توزع مطبوع واحد للجالية في مشيكان
المفوضية لم تلتقي مع اي منظمة من منظمات المجتمع المدني العاملة والفاعلة في مشيكان
المفوضية لم يكن لها أي حضور في مشيكان الى حد اليوم الأول من الانتخابات
اختيار المفوضية للمراكز الانتخابية كان غير موفق على الاطلاق من حيث الموقع والحجم والبعد عن
الجالية، والمركزين كانا على قرب او جزء من مؤسسات دينية.
ارسلت المفوضية طاقمها الى أمريكا قبل ثلاث أسابيع فقط من الانتخابات لإقامة والأشراف على أكثر من 19 مركز انتخابي موزعة على انحاء أمريكا المترامية الأطراف.
اضطرت منظمات المجتمع المدني وممثلي الكيانات السياسية ومن كل الولايات الى السفر الى العاصمة واشنطن للحصول على هويات المراقبين بحجة ان موظفي المفوضية مشغولين جدا ولن يكون بإمكانهم عمل هذه الهويات في المراكز الانتخابية. مع العلم ان الذهاب الى العاصمة يتوجب السفر بالطائرة ومصاريف ووقت كثير.
حاولت المفوضية تطبيق قوانين غير معقولة في مراكز الانتخابات في الخارج مثل منع دخول الهواتف المحمولة الى المراكز الانتخابية، واجبرت المصوتين والمراقبين على ترك هواتفهم خارج المراكز، ومنعت اخذ الصور داخل المراكز، مما أدى الى استياء كبير من قبل الجميع، ونجحت في بعض المراكز وفشلت في البعض، مركز رقم 2 في وورن طبق المنع ومركز رقم واحد في ديربورن لم يطبق، مع العلم ان المنتخبين والمراقبين عادة يستعملون هواتفهم فقط من اجل اخذ الصور الاحتفالية وحث الاخرين على المشاركة.
تم تأجيل العد والفرز في المراكز الانتخابية في الخارج لعدة أيام بحجة ان هناك "عددا من السجلات الانتخابية للعراقيين في الخارج تعرضت الى سرقة الامر الذي ادى الى تعطل نتائج العد والفرز اليدوي في التصويت الخاص بالعراقيين المقيمين في الخارج".
نحن هنا لا نتحدث عن الموظفين الذين يديرون العملية الانتخابية في المراكز، فهؤلاء يعملون حسب امكاناتهم وخبرتهم والفترة التي جرى تدريبهم والوقت الممنوح لهم والتعليمات التي تأتيهم من المفوضية، نحن هنا نتحدث عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق والتي غيرت قوانينها وشروطها لمشاركة عراقيي الخارج عشرات المرات وبدون الاستماع او اخذ رأي او التداول مع ممثلي عراقيو الخارج ولا مرة.
نحن لا نريد ان نحمل المفوضية كل تبعيات المشاركة القليلة في الانتخابات، فهناك الكثير من اليأس والإحباط وعدم الثقة لدى عراقيي الخارج بسبب ممارسات الحكومات والأحزاب المتنفذة الطائفية والمحاصصاتية، والتي شجعت على الفساد والتفرقة، وأدت الى دخول داعش الإرهابي واحتلاله لمناطق واسعة من وطننا وقيامه بقتل الالاف من بنات وأبناء شعبنا ومن ضمنهم الأقليات الدينية والقومية من المسيحيين والأزيديين. ولكننا نقول ان على المفوضية ان لا تضع عقبات في طريق مشاركة عراقيي الخارج في الانتخابات البرلمانية، لكي لا تزيد من همومهم ومعاناتهم.
تقول المفوضية ان الصوت العراقي الواحد في الخارج يكلف العراق 400 دولار، ونحن لا ندري اين وكيف تصرف هذه المبالغ، اكيد ليس على حث العراقيين للمشاركة في الانتخابات.
نحن نطالب ان تتحول الانتخابات القادمة الى انتخابات اليكترونيةـ كما جرى في ملئ استمارة تسجيل ناخبي الخارج والتي استعملتها المفوضية في بداية العام الحالي، والتي كانت ممكن ان تنجح لولا الشروط التعجيزية التي فرضتها المفوضية للتسجيل. وهكذا ممكن ان يشارك اعداد كبيرة جدا من العراقيين في الانتخابات وبكلفة قليلة جدا.
طبعا نحن نتوقع قريبا ان تخرج علينا المفوضية وتقول ان عراقيي الخارج لا يرغبون في المشاركة في الانتخابات وعليه سوف نأخذ القرار بإلغائها، وبدون ان تتحمل المفوضية أي مسؤولية.
لقد قدرت المفوضية عدد العراقيين الذي يحق لهم المشاركة في الانتخابات ب (850) ألف شخص، ونحن نقدرهم بأكثر من هذا بكثير، ولكن المشاركة هذا العام كانت قليلة جدا وجزء بسيط من هذه الاعداد الكبيرة واقل من السنوات الماضية، لان عراقيو الخارج سأموا هذه اللعبة ولم يعودوا مستعدين لان يكونوا حقل تجارب لمفوضيتنا المصونة.
مشيكان الامريكية
12 أيار 2018