الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كل الانسداد مكروه إلا الانسداد السياسي في العراق فهو حالة صحيه...

انسداد الشرايين ينجم عنه تضخم عضلة القلب، وانسداد المجاري البولية ينجم عنه صعود منسوب اليوريا والتسمم، وانسداد الشهية ينجم عنه النحول وفقر الدم، وانسداد الرزق ينجم عنه الفقر والحرمان، وانسداد الكارون ينجم عنه ارتفاع منسوب التلوث والعفونة في شط العرب، واحتباس المطر والذي هو انسداد أيضاً ينجم عنه جفاف الأرض والضرع ، والانسداد العاطفي ينجم عنه الخواء الروحي والكآبة...

الا الانسداد في الوضع السياسي في العراق فهو حالة صحية بأمتياز ... ليش...؟

ان كنتم تريدونها بكلام مختصر ومعتادين على أكل الرغيف من حلكَ التنور وهو حار فالجواب ببساطة شديدة هو : يا أزمه اشتدي تنفرجي...

وإن كنتم تريدونها بالتفصيل فإليكم ما ترغبون:

نسمع كثيراً عن اهمية أن ترى الضوء في نهاية النفق المظلم ولكن هذا شيء وأن تحشر في نفق مسدودة نهايته ولكن يوجد فيه بعض الضوء ربما من جراء تشقق في بنائه فينفذ الضوء من خلال تلك الشقوق التي لا يعبر منها العصفور شيء آخر...

سنوات من التململ والتوجع والمعاناة الذي تحول الى تذمر فاحتجاج فمظاهرات فشهداء وجرحى ومغيبين واغتيالات توجت باحتجاجات تشرين التي كان ضحيتها مئات الشهداء ومعظمهم يافعين بعمر الورود وآلاف الجرحى والمعاقين تحت شعار "نريد وطن" واستقالت حكومة عادل عبد المهدي واجريت انتخابات مبكره وقلنا بأعلى الأصوات إن التغيير يتطلب انتخابات من نوع آخر تقوم على التعامل مع العراق كمنطقة انتخابية واحده لمغادرة مهزلة المكوناتية والطائفية وتقسيم البلد، ويتطلب الالتزام بأحكام الدستور القائل بمنع مشاركة الميلشيات والجهات التي تمتلك اجنحة مسلحه في الانتخابات ويمنع استغلال القوات المسلحة بما فيها الحشد الشعبي في الانتخابات، ويمنع من تلوثت أيديهم بالفساد ونهب المال العام من الترشح فيها ، ويتطلب السيطرة على السلاح المنفلت، ويتطلب معاقبة قتلة المتظاهرين لوقف مسلسل الاغتيالات والتغييب واللادولة ... لكن كل ذلك لم يحصل فعادت الوجوه ذاتها بفسادها وفشلها ومحاصصتها ومغانمها وما ينجم عنه من فشل حكومي واستشراء الفساد والإيغال في سحق سيادة البلد وارتهان قراره الوطني ...

ومثلما كان اللهاث خلف اجراء الانتخابات كغاية بحد ذاتها وليست وسيلة للتغيير بات اللهاث خلف تشكيل الحكومة كغاية لاعادة توزيع المغانم بين المتسلطين وليست أداة للبناء ومعالجة أدران الماضي وكأن الوقت لم يكن فيه متسع لحسم الموقف وقبل الانتخابات من قضية الكتلة الأكبر هل هي الفائزة بأعلى الأصوات أم انها تلك التي يتم تشكيلها باصطفافات لاحقه... نوري المالكي يفخر بمنجزاته ويريد السلطة لنفسه او لدمية يصطنعها، ومسعود يريد اكبر المغانم من ضلع الشعب العراقي والحلبوسي يريد رئاسة البرلمان ومحمود المشهداني يريد مالاته وكلهم يفيدهم المالكي المستعد للتنازل حتى عن العراق وحزب الدعوة ومؤسسها عربوناً لكرسي الحكم ...

قلناها سابقاً ونعيد الكلام : إن كان إلحافكم على التوافقية وإصراركم على المحاصصة ينطلق من أهمية إشراك كل المكونات العرقية والطائفية في الحكم فلا مانع من إخضاع الرئاسات الثلاث لهذا المنطق فيكون رئيس الجمهورية من المنتمين لمكون ورئيس البرلمان من المكون الآخر ورئيس الوزراء من القائمة التي حصلت على أعلى الأصوات لكنهم لا يريدون ذلك ويرفعون قميص المكوناتية مثل قميص عثمان هم يريدون أمر آخر مختلف وقد عبر عنه محمود المشهداني رئيس البرلمان السابق بقوله : يمعود أحنا اشعلينا رئيس الوزراء نزيه فاسد ، كفوء فاشل، تكنوقراط معمم، وسخ نظيف مالنا شغل...أحنا ينطونا مالاتنا وهاي هيه، ومالاتنا مبينات: 6 مناصب وزاريه و9 مناصب هيئات و60 درجة مدير عام واللي ينطينا 61 نكَله هلا بيك... تلك "المالات" يتم تصريفها في واقع الحال في بورصة الفساد الى كومشنات وعقود ورواتب فضائيين وتقاسم الاغتيالات والتغييب ضد المواطنين واجتراح كل الموبقات وصولاً لتقاسم النفوذ على الملاهي وصالات القمار ... هذا هو هاجس ساسة العراق لا بناء ولا مظلوميه ولا تهميش...

فإذن ما هو نقيض الانسداد السياسي ...؟ اذا كانت المحاصصه وبضعة شقوق في النفق المظلم لا يعبر منها عصفور فالانسداد السياسي أولى وأفضل عاقبة لأن الانسداد مهما يكن فانه حالة مؤقته ولابد بعدها من أن تنفرج....

* رئيس هيئة النزاهة في العراق (سابقاً).

  كتب بتأريخ :  الأحد 09-01-2022     عدد القراء :  2160       عدد التعليقات : 0