الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
بمناسبة يوم المرأة العالمي .. بيت المدى يحتفي بالمناضلة والأديبة سافرة جميل حافظ
الجمعة 11-03-2016
 
المدى

حواء هي فقط من تنبع قوتها من ضعفها ، وشجاعتها من خوفها ، وعشقها من قسوتها ، وهي فقط من ترتدي طوق الإبداع بعد أن حاول البعض لف حبال القبلية والتخلف والألم حول عنقها ، لتكسر قيود صمتها وترددها وتثبت وجودها في المجتمع بل وتتفوق حتى على الذكور .وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة احتفى بيت المدى في شارع المتنبي وضمن منهاجه الأسبوعي بالكاتبة والأديبة والصحفية سافرة جميل حافظ التي عُدّت من النساء العراقيات اللاتي يُجسدنّ واقع المرأة المُتحدية والمثابرة والمثقفة .

سيّدة العراق الجليلة

لم تكُن المرأة هي الوحيدة التي تحتفي بعيدها ، كذلك لم تكن النساء هُنّ الوحيدات اللواتي آمنّ بسافرة جميل حافظ بل هنالك عدد كبير من الرجال الذين عدّوها مثالاً للمرأة العراقية المكافحة والصبورة والمبدعة . ومن بين الرجال الذين كانوا داعمين لتجربة حافظ ، الكاتب والأديب إبراهيم الخياط الذي ذكر قائلاً أن " سافرة جميل عُدت سيدة العراق الجليلة فهي رائدة في الأدب والنشاط النسوي والسياسي."وأضاف الخياط "فما بالكم بهذه السيدة التي أهدى لها بل وكتب بحال لسانها الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري قصيدة ، وأتى على ذكر سافرة بشيءٍ يدعو للفخر قائلاً "حماة الحمى والليالي تعودُ وخلف الشتاء ربيعٌ جديدُ ، سيورق غصن ويخضر عودُ ، ويستنهض الجيل منكم عميدُ ، سيقدمهُ رائدٌ إذ يرودُ ويخلف فيه أباه سعيدُ ، وسافرة ستربِّ النسورا ، توفي أبا العيس فيهم نذورا ، حماة الحمى رُب وعدٍ وعيدْ ، سيردى الردى ويبقى الشهيدْ  " .

بطلة منسيّة

ناشطة سياسية ، وتمتلك ثقافة عالية ، ذات خزين هائل من المعلومات ، مرت بتجارب حياتية عظيمة ، فهي من نساء الستينات القلائل اللواتي تركن بصمة في تأريخ العراق السياسي إضافة إلى ما قدمته من منجز يخص الفنون الأدبية مثل فن القصة القصيرة ، هذا ما جاء في شهادة رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ، والذي ذكر " عدّت سافرة جميل اسما ثقافيا نسويا كبيرا لم يُسلط عليه الضوء كما ينبغي ، فهي قاصة وناشطة سياسية واجتماعية وزميلة في المجال الأدبي والثقافي وهي من الناشطات اللاتي يبذلن جهودا كبيرة من أجل الحفاظ على تصدر المشهد الثقافي والارتقاء بالواقع الثقافي . "

وأضاف ثامر قائلاً " لقد تعرفت إليها في الخمسينات من خلال إصدار مجموعتها القصيية البسيطة والصغيرة حجماً والكبيرة والعميقة موضوعاً والتي أشرت منحى ثقافيا آنذاك وخاصة في الأدب النسوي وفي فن كتابة القصة القصيرة وتصب في الاتجاه الذي أسسه عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي . " مؤكداً أن " حافظ أكدت انتماءها إلى أدباء الحداثة من خلال ما قدمته من أعمال ."

مواقف سافرة جميل حافظ كثيرة ، وصادقة ومشرفة ، حيث يذكر  ثامر متحدثاً عنها " بعد اعتقال سافرة جميل في عام 1963 من قبل زمرة البعث آنذاك مع زوجها الذي اعتقل وعذب حتى الموت أمام ناظريها فكانت نموذجا للصمود والمقاومة وكان ذلك بالنسبة لها صدمة نفسية كبيرة ، إلا أنها أثبتت أنها تستطيع أن تتحدى كل الظروف  لتكون واحدة من البطلات المنسيات في تاريخنا السياسي الكبير ."

ختم فاضل ثامر حديثه مُعاتباً نفسه وزملاءه من الأدباء قائلاً " لم نقف وقفة حقيقية لنقد أدب سافرة جميل حافظ ودراسته من خلال جلساتنا ولهذا أنا أعاتب نفسي أولاً وزملائي على هذه القصور. "  

التأريخ والمعتقل

تجمعهما التواريخ المتعاقبة ، الأدب ، شغف المُناداة بحقوق المرأة ، والنشاط الاجتماعي ، والكثير من الميول والمواقف كانت تجمع سافرة جميل حافظ بالروائية صبيحة شبّر التي قالت "عرفت اسمها من خلال كتاباتها وذلك عام 1960 حين قرأت قصصها القصيرة في الصحف والمجلات ، وثم شاهدتها على التلفاز متحدثةً عن الأدب والحياة ، وحضرت لها جلسة أدبية خطبت خلالها خطبةً ارتجالية استطاعت تغيير روح النساء من البرود والاستسلام فيما يخص المطالبة بحقوقهن إلى التفاؤل."أكملت شبّر استذكار التواريخ المتوالية والتي كان كل منها يحمل ذاكرة وعنوانا وحدثا حيث قالت " اعتقلت حافظ في عام 1963 لتحكم بعدها بالإعدام عام 1964 ، ثم انقطعت أخبارها وحين كنت أسأل عنها أسمع أخبارا متناقضة حتى علمت بأن بعضا من أبطال الحركة اليسارية قاموا بتخليصها من هذا الحكم الجائر ، ثم حكم عليها بالإقامة الجبرية ومنعت من السفر بعد أن عُرضت على مجلس عسكري. "

ذاكرةٌ من تلميذتها

سافرة جميل حافظ لم تكن كاتبة متألقة أو سياسية فذة فحسب بل كانت تربويةً تركت شيئاً منها في روح طالباتها اللاتي شاء ضيق الدنيا ليظهرن بشكل أو بآخر لاستذكار مربيتهم الفاضلة ، هذا ما ذكره  مؤرشف ثورة 14 تموز الأستاذ هادي الطائي من خلال استذكاره لعلاقة زوجته بالسيدة سافرة جميل حافظ قائلاً " في الخمسينات كان هنالك هتاف حفظته لكني لم أكن أعرف من قائله " اليوم أسقطنا الدفتري وغداً نسقط العمري " ولكني علمت فيما بعد أنه لسافرة جميل حافظ . "وبين الطائي " بعد انقلاب شباط كانت زوجتي طالبة في الصف الثاني في كلية العلوم وقالت أن مشرفة المختبر أخبرتها أن  الحرس القومي جاءوا إليها واصطحبوها معصوبة العينين إلى مقرهم  وحين فتحت عينيها وجدت مدرستها سافرة جميل ، ففوجئت بأن هذه المربية الفاضلة تُعامل بهذا الشكل من قبل هؤلاء ، وهذه الذاكرة ما قد يقشعر لها البدن ، فسافرة جميل حافظ سيدة العراق المتألقة وذاكرته الجميلة تستحق أن تتصدر المشهد الثقافي والاجتماعي لأنها خرّجت أجيالا تحمل نقاء ورُقي روحها  ."

سافرة لا تجيد كتابة الإنشاء

الصحفية سها الشيخلي تتحدث بحب وشغف القارئ لكاتبه المفضل ، حيث تستذكر الشيخلي لقاءها الأول بحافظ قائلةً " لقد التقيت بالرائعة سافرة جميل  قبل فترة قصيرة وكنت أتمنى أن ألقاها من قبل  ."  ذاكرة أن "عملي في الصحافة هو من أتاح لي فرصة أن تكون لي مكتبة شخصية ، وهي من الأديبات التي ازدانت بها زاويتي المتواضعة ."وأضافت " أذكر أني كنت أريد أن أتحدث عن طفولتها في حوار معها حيث ذكرت لي قائلة إنها لم تكُن تجيد كتابة مادة الإنشاء وكانت شقيقتها الكبرى هي التي تكتب لها ، وذات يوم نسيت سافرة جميل الورقة التي كتبت لها أختها فيها مادة الإنشاء ، وكان موقفا محرجا وعندما طلبت منها المعلمة أن تتحدث عن موضوعها الإنشائي  أخذت تستذكر ما قالته شقيقتها بحيث أثنت المعلمة على ما قالته الطالبة الجميلة ، وهذا كان يدل أن لهذه الطالبة الصغيرة آنذاك ذاكرة قوية وروح ارتجال عالية. "

أصغر متظاهرة في الخمسينيات

قد تنضب الحروف وتعجز الكلمات عن الحديث عن تأريخ من الأدب والصراع ضد الظلم ، ومناصرة الحق والمُناداة برفع الحيف ، ولكن كان لابد من أن يستذكر المؤرخ رفعت مرهون الصفار زميلته بشيء من الحب والانبهار قائلاً " لم يبقَ ما أقوله عن المناضلة الكبيرة سافرة جميل ،إلا أني تعرفت إليها عام 1952 حين كانت تدير التظاهرات مع المناضل حمدي أيوب فكانت آنذاك في السابعة عشرة من العمر ورغم ما في ذلك من خطر عليها ، كانت الشرطة تحاصرها إلا أنها رفعت العلم في ذلك الوقت رغم كل شيء . "

وأضاف الصفار قائلاً " تخرجت حافظ من كلية الآداب ولم تحصل على تعيين لأنها لم تحصل على شهادة حسن سلوك بسبب نشاطها السياسي فاشتغلت في صحيفة الزمان إلا أن الأمن العامة اتصلوا بهم وطلبوا منهم الاستغناء عنها." مؤكداً " انها أول من اشتغل في رابطة المرأة ورغم التعذيب والتخويف هي بقيت مناضلة ووطنية . "

من أجل الوطن

في تلك الجلسة ، ورغم صعوبة حضورها بسبب قطع الطرقات إلا أنها شهدت أكبر حضور في تأريخ جلسات بيت المدى ، احتفاء وحباً بسيدةٍ عراقية حفظت تأريخ بلادها وعكست ملامح وطنها وحاولت أن تضمد جراحه قدر المستطاع ، فكانت جديرةً بذلك الحضور وتلك الجلسة التي كانت ختامها كلمة حبٍ وشكرٍ لكل من تابعها وعاصرها حيث قالت المحتفى بها الكاتبة والناشطة السياسية والاجتماعية سافرة جميل حافظ " أنا شاكرة لهذا الحضور وخجولة جداً من هذا الحضور ، فأنا عملت ما عملت من أجل وطني ومن أجل المضطهدين من النساء والأطفال ومن أجل رفع الظلم بكل أشكاله عن كل المظلومين." حديثٌ طويل عن سافرة جميل حافظ : أين ولدت وكيف جاء بها طريقها حتى هنا ، وهذا ما يعرفه الجميع من محبيها ، إلا أن ما قد يرغب الكثيرون بمعرفته هو من أين جاء اسمها " سافرة " لتجيب عنه الكاتبه قائلة " كان لي ابن خالة وهو من المثقفين الذين نادوا بحرية المرأة ، وقد أقسم على أمي بأني إذ ما ولدت أن تسميني بسافرة وشاء القدر أن أكون سافرة . "

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
الكاردينال ساكو يرى خوفاً وتساؤلات بعد سوريا
زيارة الوفد العراقي للشرع في دمشق.. ماذا تعني؟
المحاصصة والفساد في العراق.. دعوات لحوار وطني وسط مخاطر تآكل الدولة
السوداني يلاحق مقدمة برامج قضائياً بسبب "رأيها"
لا حلول لـ"الشح".. العراق يلوح بـ"تدويل" أزمة المياه مع تركيا لزيادة حصصه
من أقدم كنائس العراق.. السوداني يؤكد وحدة وتنوع الشعب في قداس الميلاد
شجرة ميلاد كبيرة في العراق منذ 65 عاماً.. ماذا قال عنها رواد الفضاء؟ "صورة"
قرير "إسرائيلي" يصوب نحو الخريطة الجديدة: جاء دور العراق
كنائس أربيل تقيم صلاة القداس بمناسبة عيد ميلاد المسيح، والعراق عطلة رسمية
أمطار وتحذيرات من ضباب كثيف.. العراق على موعد مع كتلة باردة
نساء نازحات.. نجون من "داعش" فعُنفن في الخيام
أطراف في "الإطار" تحذر من تظاهرات وتحركات "البعث".. هل استنسخوا خطة الأسد؟
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة