اثار اهتمامي خبر عزم وزارة التعليم العالي على فتح كلية متخصصة بالذكاء الاصطناعي في جامعة بغداد. اود ان اعبر عن قلقي بشأن هذا المشروع، حيث يبدو لي انه غير مدروس بشكل كاف بناء على الخبرات العالمية. في الوقت الذي تتريث فيه معظم الجامعات العالمية في فتح برامج دراسات متخصصة في الذكاء الاصطناعي نجد ان هذا القرار قد يكون متسرعا لأسباب تتعلق بالتحديات التقنية التي تتطلب تجهيزات تقنية متقدمة مثل الحواسيب الفائقة والشبكات السريعة.
من الضروري ان نأخذ بعين الاعتبار ان الذكاء الاصطناعي هو مجال معقد يتطلب بنية تحتية متقدمة، واعضاء هيئة تدريس مؤهلين وذو خبرة عالمية في الخوارزميات وعلم البيانات والبرمجة وتطوير النماذج الرياضية والشبكات العصبية والتعلم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية والروبوتات والاخلاقيات، وبرامج دراسية متطورة تتماشى مع المعايير الدولية، وسوق عمل صناعي لاستيعاب الخريجين. بدون هذه العناصر، قد يكون من الصعب تحقيق الاهداف المرجوة من هذا المشروع، مما قد يؤدي الى نتائج عكسية.
لذلك، ارى انه من الافضل ان يتم التريث في اتخاذ هذا القرار حتى يتم اجراء دراسات جدوى شاملة، والاستفادة من تجارب الجامعات العالمية التي سبقتنا في هذا المجال، وتركيز الاهتمام على الدراسات الهندسية بضمنها علوم الحواسيب التي هي القاعدة الاساسية للإنتاج الصناعي والزراعي. يجب ان يكون الهدف هو بناء مؤسسة تعليمية قوية ومستدامة قادرة على تقديم تعليم عالي الجودة في مجال الذكاء الاصطناعي. ولنتعظ من تجربة النانوتكنولوجي وما اغرقه من انتشار الشهادات التي لا علاقة لها بسوق العمل او باحتياجات المجتمع والدولة.
التطور في مجال الذكاء الاصطناعي يجب ان يكون تدريجيا ومدروسا، وليس عبارة عن قفزات هائلة تهدف فقط الى جذب الانتباه والاعلان عن انجازات غير مستدامة. وهنا لابد من التأكيد على اهمية الدراسات والبحوث والتطبيقات في الذكاء الاصطناعي والتي تدفع بالاقتصاد الوطني وتساهم في تطوير الصناعة والزراعة وعلى صعيد الاقسام والمراكز العلمية. من المهم ان نركز على بناء اساس قوي ومستدام يعتمد على البحث العلمي الرصين والتطوير المستمر، بدلا من السعي وراء الشهرة والتباهي بإنجازات غير مدروسة.