شادية، دلوعة السينما المصرية، صوت مصر، معبودة الجماهير، هي ثلاثة من أبرز الألقاب التي أُطلِقَت على الفنانة الراحلة شادية أو "الحاجة شادية"، كما كانت تحب أن يناديها أقاربها وأصدقاؤها ومعارفها في الفترةِ الأخيرة من حياتها.
هي الفنانة الأكثر وقوفاً أمام كاميرات السينما المصرية، الأكثر تواجداً في بنات جيلها بأعمالٍ شكلت وجدان أجيال كاملة. والأهم أنها لم تقف فقط بمواجهة الكاميرا، بل أيضاً خلف المذياع الذي قدمت عبره عشرات الأغاني في الأفلام، بالإضافة إلى الأغاني المنفردة التي حققت نجاحاً أبقى صوتها حاضراً حتى الآن، خاصةً بأغنياتها الوطنية العزيزة على المصريين.
ولقد حققت على مدار أربعة عقود تقريباً ما لم يحققه أحد من أبناء جيلها. حيث أنها جمعت بين التمثيل والغناء، وقدمت عشرات الأدوار المؤثرة في السينما المصرية.
ولدت شادية في 8 فبراير 1934 بحي الحلمية من أب هو المهندس الزراعي أحمد كمال شاكر واختار لها اسم فاطمة، لكن اسمها الفني كان "شادية". ويتردد أن اختيار اسمها جاء من يوسف بك وهبي عندما شاهدها للمرةِ الأولى وهي تقوم بتصوير فيلمه شادية الوادي.
لم تلعب شادية في السينما إلا أدوار البطولة. حتى عندما تقدم بها العمر كان آخر أعمالها "لا تسألني من أنا". كانت ترى أن الفنان يجب أن يعتزل وهو على القمة ليحافظ على إرثه الفني. فهي لم ترد أن يشاهد الجمهور علامات تقدمها في العمر ليظل محتفظاً بصورة الدلوعة التي يشاهدها في أعمالها التي مازالت تُعرَض حتى الآن.
بدأت مسيرتها الفنية من خلال المخرج أحمد بدرخان الذي قدمها في دورٍ صغير قبل أن يسند لها بطولة فيلم " العقل في إجازة" مع محمد فوزي وهو الفيلم الذي أخرجه حلمي رفلة. حيث رشحها للفيلم لايمانه بموهبتها الفنية. وبالفعل، لقد حقق نجاحاً منقطع النظير عند عرضه بالصالات، لتنطلق بعده رحلتها مع البطولات السينمائية من نهاية الأربعينات وحتى بداية الثمانينات مقدمة مجموعة متنوعة من الأعمال السينمائية. حيث تجمل في رصيدها مجموعة من الأعمال المميزة أبرزها "الزوجة 13"، "معبودة الجماهير"، "المرأة المجهولة"، "اللص والكلاب"، "نحن لا نزرع الشوك"، "الزوجة السابعة"، "ميرامار"، "ارحم حبي"، "اقوى من الحب"، ارحم حبي"، "اغلى من حياتي" وغيرها من الأعمال التي دخل عدد ليس بالقليل منها ضمن أفضل 100 فيلم سينمائي خلال القرن العشرين بالسينما المصرية.
ولقد قدمت عدداً من الثنائيات في مسيرتها الفنية، لكن يبقي أشهرها وأكثر إنتاجاً الثنائي الذي شكلته مع الفنان الراحل كمال الشناوي والذي تزوج شقيقتها لفترة، حيث قدما سوياً نحو 28 فيلمًا سينمائيًا في مراحل مختلفة من مسيرتهما الفنية.
أما المسرحية الوحيدة التي قدمتها فكانت "ريا وسكينة" مع سهير البابلي، وكان السبب فيها المنتج سمير خفاجة الذي أقنعها بصعوبة بخوض تجربة المسرح. وعلى الرغم من النجاح الذي لا تزال تحققه المسرحية مع إعادة عرضها واعتبارها من كلاسيكات المسرح المصري، إلا أن الأيام الأولى لعرضها لم تلقَ نجاحاً جماهيرياً. ما دفع شادية للتفكير في التوقف عن العرض، لكن منتجها سمير خفاجة قام وللمرة الأولى آنذاك بتقديم إعلان بالتلفزيون عن المسرحية وعن وجود شادية بها للمرةِ الأولى، فبدأت رحلة نجاح استمرت 3 سنوات من العرض في مصر وخارجها.
تزوجت شادية ثلاث مرات، منها زيجتان من الوسط الفني الأولى من الفنان عماد حمدي الذي قدمت معه مجموعةً من الأعمال والثانية من الفنان صلاح ذو الفقار حيث قدما سوياً مجموعة من الأعمال الناجحة خلال ارتباطهما منها "عفريت مراتي"، و"مراتي مدير عام" وغيرها من الأعمال لكن هذه الزيجات كانت تنتهي بسبب شهرة شادية ونجاحها والنجومية التي كانت تحققها في أعمالها.علماً أنها واجهت مشكلة صحية منعتها من الإنجاب. حيث تعرضت للإجهاض ثلاث مرات، وهو ما سبب لها آلاماً نفسية كبيرة، فيما قامت برعاية أبناء شقيقها الذي توفي بعمرٍ صغير.
هذا وتعرّضت في السنوات الأخيرة لأكثر من أزمةٍ صحية، كان آخرها في الشهر الماضي مع تعرّضها لجلطة في المخ وأزمةٍ قلبية. وهي الأزمة التي رحلت على أثرها بمستشفى الجلاء للقوات المسلحة.
يشار إلى أنه سيتم تشييع جثمانها ظهر اليوم الأربعاء من مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة بناءً على وصيتها على أن يوارى جثمانها الثرى في مقابر عائلتها. على أن يقام العزاء مساء الجمعة في مسجد المشير بالقاهرة.