يعد كتاب دوحة الوزراء في تاريخ وقائع بغداد الزوراء للشيخ رسول الكركوكلي - أحد المصادر التاريخية التي تلقي الضوء على تاريخ بغداد خلال سني 1132 - 1237 هـ ويتناول الحالات الاجتماعية والسياسية السائدة في العراق وايران وتركيا .والكتاب في الاصل باللغة التركية ،ترجمه الى العربية موسى كاظم نورس وهو من منشورات الشريف الرضي عام 1413 هـ قم / ايران .
في وقائع سنة عشرين ومائتين والف ( 1220 هـ = 1805م ) ، يتحدث المؤلف عن تجريد حملة عسكرية تحت عنوان : سفر علي باشا الى الحلة ...
يصف المؤلف ما قام به الوزيرعلي باشا الكهية - والي بغداد (1802/ 1807 م ) من اجراءات عسكرية بسبب هجمات الوهابيين على أطراف المدن فيقرر القيام بحملة عسكرية متوجها الى الحلة ليكون قريبا من مسرح الاحداث ( وأصدر أمره الى الكتخدا سليمان بيك للسفر الى عشائر بني لام وربيعة على رأس قوة عسكرية، وذلك لجباية الرسوم والضرائب التي تهاونت في دفعها ، فامتثل الكتخدا للأمر وسار نحو ديار بني لام ، ولكن هؤلاء علموا بقدومه فتركوا ماشيتهم وفروا الى جهات متفرقة ، فاستولى عليها وكانت سبعمائة جاموسة وعددا من البقر والضأن ، وأصدر أمره بعزل شيخ بني لام الشيخ حاشي ونصب بدله مهنا الجساس ، وبناء على فرار شيخ عرار فقد عزله ايضا ونصب مكانه عباس الفارس .
ثم علم بتجمع بعض العربان خلف شواطئ دجلة ، فسار اليهم ليلا وأحاط بهم ، ثم هجم عليهم ونكل بهم وغنم منهم حوالي الاثني عشر الف رأس من الضأن والماعز . وهجم ايضا على العربان القاطنة في تلك الجهات ، ومنهم عشيرة المقاصيص وغنم منهم بقدر ذلك العدد من الماشية ، وسار نحو جصان ومن هناك رجع الى بغداد ، وكان الوزير ما يزال في الحلة ، وخلال بقائه هناك أصدر أمرا بعزل شيخ زبير خطاب الشلول لسوء اعماله ، وعين مكانه ابن عمه حسين البندري ، ثم عاد الى بغداد .) ص 232 .
اخترت هذه الصفحة من الكتاب والاحداث التي يصفها المؤلف لكشف الاساليب التي كانت تستخدمها السلطات الحاكمة والتي تعتمد القمع والتنكيل بالعشائر التي تعنى بالابقار والجاموس والاغنام والزراعة لكي تحصل منها على الضرائب التي كانت ترهق كاهل ابناء العشائر الرعوية والفلاحية بدلا من التعاون معها على زيادة انتاجها وتسهيل حصولها على الاعلاف وتطوير امكاناتها في تربية الحيوانات الحلوبة وتصنيع منتجاتها .
لذلك ظل الريف العراقي متخلفا حتى قيام الحرب العالمية الاولى ودخول الانجليز فاتحين للبلاد فزادوا الطين بلة بتوزيع الاراض على حفنة من الاقطاعيين ليظل التخلف واضطهاد الفلاحين السمة البارزة في ارياف العراق ما جعل ثورة الرابع عشر من تموز 1958 تصدر قانون الاصلاح الزراعي لكي تحرر الفلاحين من نير الاقطاع ولكن استيلاء عصابة البعث على مقاليد الحكم في العراق منذ عام 1963 عادت بالبلاد القهقرى ليظل الريف العراقي غارقا في بحر التخلف والجهل .